﷽
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، محمد المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحد المواضيع التي نناقشها في فريق نما من حين لآخر هو مدى الحاجة إلى تصميم أنشطة أو نصائح محددة للمربين أو العاملين مع الأطفال عموماً كي ينفذوها ويتبعوها، وهذا ما لا يجده المتابع لعملي مثلاً، إذ لا أميل لإخبار المربين بتفاصيل ما عليهم فعله، وأفضِّل على ذلك عرض ما قمت به وكيف كنت أفكر وأتحرك استجابةً للمواقف التي أواجهها – بما في تلك الحركة من خطأ أو صواب – لأشجع المربين على اتباع أسلوب مشابه من التفكّر لإيجاد أساليبهم وحلولهم الخاصة التي تتلاءم مع بيئاتهم وظروفهم وأولوياتهم.[١]
مشكلة لوائح النصائح والإرشادات والأنشطة أنها تشبه الدليل التالي إلى حد بعيد:
رغم أن رسم دائرتين قد يكون بدايةً جيدةً، إلا أنه ليس مربط الفرس، كما أن كثيراً من الناس يستطيعون الإتيان بذلك ليتوقفوا بعد ذلك متسائلين: ”وماذا بعد؟“ الجزء الصعب هو تعلّم كيف تبدو البومة ورؤية ذلك بعين العقل. إن لم تستطع رؤية البومة (بعقلك لا بعينك) فلن تستطيع رسمها.
هناك مئات وربما آلاف الأنشطة الإبداعية التي يستطيع المربي تنفيذها مع طلابه، وعدد مماثل من النصائح والخطوات التي تخبر المربي كيف يتعامل مع طلابه ويستخرج أفضل ما لديهم، ومعظم ذلك ليس إلا رسم دائرتين. ولكن لكي تعمل هذه الخطوات والنقاط كما ينبغي، فعلى المربي تعلّم الرؤية: ”إذا نجحت في عملي كمربٍ، فكيف سيبدو الطالب الذي أعلّمه؟ كيف سيفكر وماذا سيصنع؟“ ومن ثم ربط هذه الرؤية بما يقوم به ويلاحظه من طلابه على أرض الواقع: ”هل يستقيم أن أبتغي إخراج نشءٍ عزيزةٍ أنفسهم ثم لا أستمع إليهم أو أحترم رأيهم؟“ أو ”هل يستقيم أن يكون لهم موقف إيجابي من التعلم فيما هم يهابون التجريب أو الوقوع في الخطأ؟“ أو ”كيف أتوقع منهم التفكير بينما كل ما أنتظره منهم وأقوّمهم وفقه هو إجاباتهم الصحيحة؟“ وعندئذ لا يقع المربي أسير هذه النصائح بل يتجاوزها إلى ما بعدها. ولا يكون ذلك إلا بتشجيع المربين على الانهماك في تجربة تعلّم تفاعلية (أي أن يكونوا هم أنفسهم طلاب علم)، تتكرر فيها عملية الرسم والمسح ثم رسم المزيد، وبذلك وحده نتعلم كيف نرى العالم بشكل صحيح. وهذا يعني أن يقوم المربي بعمله كما لو كان باحثاً متقد الذهن مراقباً لما يقوم به وتفاعل طلابه معه، ليقوم حينئذ بتعديل أساليبه وفق ما يلحظه من طلابه، ثم يكرر الملاحظة والتجريب. عليه أن يتعلم من الأطفال وعنهم قبل أن يستطيع تعليمهم.
سيجد المربي أن بعض ما يقوم به من أنشطة ويتبعه من أساليب سيكون مفيدًا، وبعضه سيكون عديم الفائدة، كما قد يكون هناك ما هو مؤذ في حقيقة الأمر، ولكنه هو وحده من يستطيع تحديد ذلك من خلال تفاعله المستمر مع طلابه. عندما يمتلك المربي هذه الرؤية، فإن الأنشطة المحددة التي سيقوم بها ستغدوا مجرد تفاصيل.
هذه التدوينة مشتقة من تدوينة لِـ(سِث غودن) بعنوان How to draw an owl.
[١] انظر مجموعة تدوينات ”في مهمة للتعلّم في زمن الثورة” بأجزائها الخمسة [١، ٢، ٣، ٤، ٥]. تعلمت ذلك من الأستاذة إلينور دكوورث وتلامذتها، الذين كانوا يدربون طلابهم (وجلّهم من المعلمين) على التفكير النقدي بالأنشطة التي يمارسونها وتحليل استجابات المتعلمين لها كي يطوروا أنشطةً وممارسات أفضل. تجد أمثلةً على تطبيق هذا الأسلوب في عدة كتب عن التعليم مثل Tell Me More: Listening to Learners Explain من تحرير إلينور نفسها، و How Children Fail من تأليف جون هولت . العودة إلى التدوينة
حكيك أخي مزبوط 100% في حال تتعامل مع مربين وأقصد بالمربين أي لديه خبرة معينة وعامل في هذا النشاط منذ زمن معين.. أما إن كان كلامك للهواة والجدد في هذا المحال فلا أوافقك بداية.. لانهم حينها سيكونون في وسط البحر لا يدري أحدهم بأي اتجاه يسبح او الطريقة الأسرع واﻷوفر للسباحة لذا أرى أن يتم القيام بورشة عمل يجمع فيها عدة أنماط أساسية ومفصلية للعلم والتعليم مختارة بشكل جيد وعمل برامج تدريبية لها بعد هذه الورشة لمدة من الزمن ربما من 3 إلى 6 أشهر بعدها يطلب من المتأهل للتربية أن يبدع وينشأ نمط مغاير أو يطور نمط ما للتربية والتعليم .. هذا باختصار أخي عن الفكرة ولها عدة ميزات وإيجابيات لا يتسع المقام لذكرها اﻵن.. بارك الله بكم ووفقكم جميعا..
جزاك الله خيراً أخي.
لأوضح أولاً أنني حين أركز على أن يدرك المربي ما يقوم به فإن ذلك لا يعني أنه لن يقوم بشيء، إذ لا بد من أن يتعلم ويبني خبراته عبر ممارسة نشاط ما، ولكن المشكلة أن من السهل الانهماك في تفاصيل الأنشطة والأساليب ونسيان الهدف الأساسي وهو مساعدة الأطفال على التعلم.
أما بخصوص تقويمك أهمية الخبرة فلا أوافقك الرأي لعدة أسباب:
لا يعني أي من هذا أن ما أقوم به لا يحتاج فترة طويلة لإتقانه والتدرب عليه، وهو إن شئت رحلة تعلم لا تنتهي. ولكني أرجو على أي حال أن تذكر الميزات والإيجابيات التي تخطر ببالك عسى أن يغني ذلك نقاشنا، والله تعالى أعلم.
مع كل مودتي وتقديري للمربين الفضلاء الذين يتعلمون ويعلّمون 🙂
قام بإعادة تدوين هذه على رحلة التعلم عن التعلم.