﷽
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، محمد المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تأتيني تساؤلات بين حين وآخر عن الأدوات التقنية التي يمكن استجلابها إلى الفصل الدراسي لجعل العملية التعليمية أكثر فعاليةً أو إبداعًا أو تحفيزًا. جوابي المعتاد هو أن حل مشاكلنا وما ينبغي التركيز عليه لا يكمن في الأدوات، وإنما بالكيفية التي نستخدم بها هذه الأدوات بغض النظر عن بساطتها أو تعقيدها التقني. بالطبع قد يفتح استخدام التقنيات الحديثة مجالات واسعةً للأطفال ما كان لهم استكشافها دون استخدام هذه الأدوات، ولكن ذلك مرهون باتباع منهجية سليمة في التعليم ويليه في الأهمية.
لهذا عندما دعاني الإخوة في منصة DET لاختيار موضوع في مجال التعلم الإبداعي أتحدث عنه في ملتقاهم الثاني في اسطنبول، كان اختياري الأول معاودة الحديث عن العوامل التي تحثُّ الأطفال على التعلم بغض النظر عن الأدوات المستخدمة. قدمت في الملتقى عرضًا كنت قد قدمت مثيله قبل عام وشاركته من قبل، ولكني أعيده هذه المرة بالعربية.
يبني الكثير من الناس آمالًا عراضًا على الدور الذي يمكن للتقنيات الحديثة لعبه في دعم التجربة التعليمية وحثِّ الأطفال على استكشاف العالم من حولهم.
ولكن إذا توقفنا للتفكر قليلًا: هل السؤال عما يمكن للتقنيات الحديثة تقديمه لتحسين التعلم والتعليم هو السؤال الأكثر جوهرية في المقام الأول؟
شاركت بعض ما تعلمناه عما يدفع الأطفال للتعلم والاستكشاف في بيئتين مختلفتين تمامًا: الأولى تستخدم واحدةً من أحدث الأدوات التقنية المطورة في كبرى معاهد الأبحاث، وهي سكراتش: لغة البرمجة والمجتمع الافتراضي للأطفال. أما البيئة الثانية فتفتقر تقريبًا إلى كل شيء بما في ذلك أساسيات الحياة، وهي مخيم قاح للنازحين السوريين. قارنا هاتين البيئتين (أو التجربتين) لنعرف أكثر عما يمكننا فعله لأطفالنا ليتعلموا بشكل أفضل، سواء بوجود التقنيات الحديثة أو في غيابها.
ورغم الفروق الشاسعة بين هاتين البيئتين في الظروف والأدوات، إلا أننا وجدنا ما هو مشترك بين تجربتي التعلم في هذين المكانين، وهو أن الأطفال في كلتا التجربتين كانوا مندفعين للتعلم تحثهم خمسة دوافع رئيسة:
كان الأطفال مندفعين لإبداع وإنشاء مشاريع ذات معنىً لهم ينشئونها تبعًا لاهتماماتهم؛
وكانوا يريدون التواصل مع مجتمع يحترمهم ويقدِّر أعمالهم؛
وكانوا متحفزين لمشاركة إبداعاتهم والمشاريع التي أنشؤوها تعبيرًا عن أنفسهم مع الآخرين؛
وكانوا كذلك مندفعين لتعلم أشياء جديدة مهتمين بها ويشعرون بفائدتها بالنسبة لهم؛
وأخيرًا، أنهم كانوا مستمتعين بوقتهم!
وهذا ما يذكرنا أن التقنيات الحديثة قد تساهم في دعم تجارب التعلم الإبداعي إن استخدمت بالشكل الصحيح، ولكنها ليست شرطًا لازمًا أو كافيًا لحصول التعلم الإبداعي، فالعامل الرئيس في تحديد جودة تجربة التعلم التي نخوضها أو نقدمها ليس الأدوات التي نستخدمها، وإنما الكيفية التي نستخدم بها تلك الأدوات.
رأي واحد حول “حثُّ الأطفال على التعلّم، باستخدام التقنيات الحديثة أو دونها — بالعربية هذه المرة”