البرمجة على مفترق طرق

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، محمد المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل عقد من الزمان نشرت المجموعة البحثية المطورة للغة البرمجة سكراتش مقالًا بعنوان ”سكراتش: البرمجة للجميع.“ لربما كان العنوان الفرعي الذي استخدموه آنذاك طموحًا، لكنه يغدو اليوم حقيقةً واقعةً مع انتشار المبادرات والأنشطة التي تشجع تعلم الأطفال البرمجة ومع تبنيها كجزء من المنهاج الدراسي في كثير من البلدان. مع الفرصة الكامنة في ذلك، فإن البرمجة تُقدم في كثير من الأحيان بأساليب لا تتسق مع الآمال المعقودة عليها. إن لم نفكر مليًا في الاستراتيجيات التعليمية وطرائق التدريس المستخدمة في تقديم البرمجة، فإننا نخاطر بمواجهة خيبات أمل واستجابات عكسية حيال تقديمها. في هذا المقال، البرمجة على مفترق طرق Coding at a Crossroads، والذي نشر أواخر العام الفائت، يتحدث مطورو سكراتش عن الفرص والتحديات والمبادئ التي يمكننا استلهامها لتعليم البرمجة للنشء بشكل يحقق الغاية المرجوة منها.

يمكنك تنزيل نسخة PDF من هذا المقال.

بينما تمتع ملايين الطلاب في شتى أنحاء العالم بخوض تجارب في البرمجة على مدار العقد الماضي، فإن التحدي التالي هو نشر القيم والمنهجيات التعليمية.

إن الاستخدام التعليمي لبرمجة الحاسوب في المدارس على مفترق طرق.

نحن أمام فرصة استثنائية. قبل عقد من الزمان نشرت مجموعتنا البحثية مقالًا في مجلة Communications of the ACM بعنوان ”سكراتش: البرمجة للجميع.“ [15] كان العنوان الفرعي الذي استخدمناه آنذاك طموحًا، لكنه يغدو اليوم حقيقةً واقعةً. تتبنى الأنظمة المدرسية وصناع القرار فكرة أن برمجة الحاسوب يمكن وينبغي أن تكون للجميع، وتقدم بلدان من تشيلي إلى إنكلترة إلى جنوب إفريقيا إلى اليابان البرمجة إلى جميع طلابها.

نقف أيضًا أمام تحدٍ استثنائي. تُقدَّم البرمجة في العديد من الأماكن بأساليب تقوِّض إمكاناتها ووعودها. إن لم نفكر مليًا في الاستراتيجيات التعليمية وطرائق التدريس المستخدمة في تقديم البرمجة، فإننا نخاطر بمواجهة خيبات أمل واستجابات عكسية حيال تقديمها.

رأينا خلال العقد الماضي كيف أن بالإمكان نشر تجربة البرمجة لتصل ملايين الأطفال حول العالم. لكننا رأينا أيضًا أن من الأصعب بكثير نشر القيم والمنهجيات التعليمية — وهذا هو التحدي الكبير للعقد القادم.

حفز التوسع في استخدام البرمجة في التعليم ظهور بيئات برمجية جديدة (خاصةً البرمجة المعتمدة على اللبنات [1]) وانتشار مبادرات غير ربحية داعمة لتعليم علوم الحاسوب (مثل Code.org و CSforAll و Code Club)، وكذلك مجموعةً متزايدةً من الأجهزة القابلة للبرمجة التي توسع نطاق ما يمكن للطلاب برمجته (مثل micro:bit ومجموعات الروبوتات والألعاب القابلة للبرمجة). [9، 20، 23]

ساهم عملنا على سكراتش Scratch (الشكل 1) في دعم هذا التوجه واستفاد منه أيضًا. عندما بدأنا تطوير لغة البرمجة سكراتش ومجتمعها الافتراضي عام 2002، لم يكن هدفنا ببساطة مساعدة الأطفال على تعلم البرمجة. كانت لدينا رسالة تعليمية أعم. أردنا مدَّ جميع الأطفال من مختلف الخلفيات بفرص لتعلم التفكير الإبداعي والاستدلال المنهجي والعمل التعاوني. هذه المهارات ضرورية للجميع في عالم اليوم سريع التغير، وليس فقط لأولئك الذين يخططون ليصبحوا مهندسين أو يمتهنوا الحوسبة. وهذه المهارات نفسها قيِّمةٌ في شتى مناحي الحياة: ليس فقط للنجاح في بيئة العمل وإنما أيضًا لتحقيق الذات والمشاركة في المجتمع المدني. [13]

الشكل 1: موقع سكراتش في تموز/يوليو 2021.

يتزايد استخدام سكراتش بسرعة في جميع أنحاء العالم: العامَ الماضي، أنشأ أكثر من 20 مليونًا من الناشئة مشاريع سكراتش (الشكل 2). بدأ استخدام سكراتش في المقام الأول في المنازل ومساحات التعلم غير الرسمية، [11] لكن استخدامها في المدارس توسع ليكوِّن أكثر من نصف أنشطة سكراتش. يستخدم الناشئة سكراتش حول العالم بأشكال متنوعة، فمثلًا:

  • أنشأ طلاب في المرحلة المتوسطة في عدة دول مشاريع سكراتش توضح رؤاهم عن الكيفية التي ستغير بها الابتكارات التقنية المجتمع بحلول عام 2050.
  • أنشأ آلاف الناشئة رسومًا متحركةً ضد العنصرية ودعمًا لحراك حياة السود مهمة Black Lives Matter.
  • قام مدرس في مدرسة ابتدائية في المكسيك بدمج سكراتش في وحدة العلوم الخاصة بالفَراش، مع قيام الطلاب بإنشاء رسوم متحركة عن دورة حياة الفراشة ونماذج روبوتية تحاكي حركتها انطلاقًا من مشاهداتهم لفراشات حقيقية.
  • أنشأ طلاب من أنحاء العالم معرضًا أسموه احموا أرضنا ProtectOurEarth#، حيث شاركوا مئات المشاريع التي تسلط الضوء على القضايا المتعلقة بتغير المناخ. كان من هذه المشاريع لعبة تُوجِّه فيها دبًا قطبيًا عبر القمم الجليدية القطبية الآخذة بالذوبان.
الشكل 2: المشاريع المشاركة في مجتمع سكراتش الافتراضي.

الفرص والتحديات

أثناء عملية إنشاء ومشاركة مثل هذه المشاريع، لا يتعلم الطلاب البرمجة فحسب، وإنما يستخدمون البرمجة كذلك للتعلم. إنهم لا يتعلمون مفاهيم رياضيةً وحسابيةً مهمةً فقط، وإنما يعمقون فهمهم للأفكار في تخصصات أخرى ويطورون مجموعةً واسعةً من مهارات حل المعضلات والتصميم والتعاون والتواصل. [7، 16]

ولكن لسوء الحظ، فإن البرمجة تقدم في العديد من السياقات التعليمية بأساليب محدودة ومقيدة بشدة، بحيث لا يكون لدى الطلاب فرصة تجربة كامل القدرات المفاهيمية والتعبيرية للبرمجة. فيما يلي بعض التحديات:

  • في كثير من الأحيان، تطرح المدارس علوم الحاسوب على الطلاب عن طريق تعليمهم تعريفات الكلمات المرتبطة بالحوسبة دون تزويدهم بفرص للتعلم وتطبيق المفاهيم والممارسات الحسابية في سياق أنشطة ذات معنى. فعلى سبيل المثال، تقدم بعض المدارس الحوسبة لطلاب المرحلة الابتدائية عبر تعليمهم تعريف كلمة ”خوارزمية“ والاختلافات بين العتاد المادي والبرمجي بدلًا من إشراك الطلاب في التعلم النشط عبر أنشطة حسابية كبرمجة قصة متحركة أو روبوت راقص.
  • كثيرًا ما تقدم البرمجة عبر إخبار الطلاب جميعهم بإنشاء نسخ متطابقة من البرنامج نفسه بدل تشجيعهم على التجريب وبناء نماذج أولية وتصحيح الأخطاء. رأينا ذات مرة ثلاثين مشروعًا متطابقًا تمت مشاركتها في الوقت نفسه على موقع سكراتش. ظننا بدايةً أن هذا التكرار كان نتيجة مشكلة في الموقع، ولكننا لاحظنا أن لكل مشروع اسم مستخدم مختلف، ومن ثم أدركنا أن المشاريع أتت كلها من صف مدرسي واحد حيث اتبع ثلاثون طالبًا التعليمات نفسها لإنشاء المشروع نفسه باستخدام الصور نفسها والبرمجة نفسها كذلك. لعل هذا النشاط المدرسي عرَّف الطلاب على الآليات الأساسية للبرمجة، إلا أنه لم يوفر فرصًا للتفكير الإبداعي وحل المعضلات.
  • في كثير من الأحيان، تخصص المدارس فترةً وجيزةً فقط من الوقت لتعلم البرمجة. قد يتعلم الطلاب بعض المصطلحات والمفاهيم الأساسية خلال هذا الوقت المحدود، لكن لن تتاح لهم فرصة استخدام الأفكار بشكل ذي معنىً لهم، وبالتالي من غير المحتمل أن يكونوا قادرين على تطبيق هذه الأفكار في سياقات ومجالات أخرى. أما في الحالات التي يخصص فيها وقت أطول للبرمجة، فغالبًا ما يدفع المنهج الدراسي المعلمين والطلاب للانتقال من أداة برمجة إلى أخرى بدل توفير الوقت لتعلم أداة محددة بشكل جيد بما يكفي لتصميم المشاريع وحل المعضلات ومشاركة الأفكار. قدمت إحدى المبادرات واسعة النطاق سكراتش لطلاب الصف الرابع لمدة ساعة واحدة كل أسبوع، ثم تحولت فجأةً إلى لغة برمجة مختلفة، ولم تجرِ مراجعة هذا المنهاج إلا بعد أن أعرب المعلمون والطلاب عن خيبة أملهم من ذلك التحول.
  • يتبنى الباحثون والمعلمون في كثير من الأحيان أدوات التقييم الآلي التي تقيّم مشروعات الطلاب البرمجية من خلال تحليل المقاطع البرمجية فقط، دون أي اعتبار لأهداف المشروع أو محتواه أو تصميمه أو واجهته أو قابليته للاستخدام أو توثيقه. على سبيل المثال، يستخدم الكثيرون أداةً على الإنترنت لتقييم سكراتش تمنح الطلاب ”درجة تفكير حسابي“ بناءً على الافتراض بأن البرنامج الذي يحتوي أنواعًا أكثر من اللبنات البرمجية مؤشر على تفكير حسابي أكثر تقدمًا. لا يأخذ هذا الشكل من التقييم في الاعتبار هدف الطالب من البرنامج، ومدى نجاح البرنامج في تحقيق هذه الأهداف، وما إذا كان البرنامج يعمل على النحو المنشود، وما إذا كان الناس قادرين على التفاعل معه، أو كيفية تطور تفكير الطالب عبر سلسلة من المشاريع. إننا نرى إمكانات أكبر في منهجيات بحث وتقييم مختلفة، مثل تلك التي توثّق وتحلل ممارسات المعلمين في التيسير ومسارات تعلم الطلاب عبر الزمن.

لكي ترقى مبادرات البرمجة إلى مستوى الوعود التي تقدمها والإمكانات الكامنة فيها، يلزم إجراء تغييرات مهمة في كيفية وضع البرمجة موضع الممارسة في الأنظمة التعليمية حول العالم.

الطلاقة الحسابية

هناك اعتراف في معظم مبادرات البرمجة التعليمية بأن الهدف يجب أن يكون أكبر من مجرد تدريس آليات محددة في البرمجة. شُكِّلت العديد من المبادرات التعليمية في إطار تنمية التفكير الحسابي computational thinking — أي مساعدة الطلاب على تعلم مفاهيم واستراتيجيات علوم الحاسوب التي يمكن استخدامها في حل المعضلات في مجال واسع من التخصصات والسياقات.

التفكير الحسابي هدف ذو شأن بالطبع، ولكن العديد من المبادرات محدودة للغاية في تركيزها على تعليم مفاهيم في معزل عن سياقها أو تقديم معضلات ذات إجابة وحيدة للطلاب. لقد رأينا في أبحاثنا كيف تصبح البرمجة أكثر تحفيزًا ومعنىً للطلاب عندما تتاح لهم فرص إنشاء مشاريعهم الخاصة والتعبير عن أفكارهم. [18] يتطور الأطفال عبر هذه التجارب كمبدعين حسابيين ومفكرين حسابيين على حد سواء. إننا نستخدم عبارة الطلاقة الحسابية computational fluency لوصف هذه القدرة على استخدام التقنيات الحاسوبية لمشاركة الأفكار بشكل فعال وخلاق.

إن أفكارنا عن الطلاقة الحسابية قد استمدت الإلهام واستفادت من تراث حافل من المبادرات والأبحاث التعليمية التي ركزت على الانهماك النشط للطلاب في تعلم الكتابة. على الرغم من أن معظم الطلاب لن يكبروا ليصبحوا صحفيين أو روائيين محترفين، إلا أن هناك إجماعًا قويًا على أنه يجب على جميع الطلاب تعلم الكتابة. فعبر الكتابة يطور الطلاب قدرتهم على تنظيم الأفكار والتعبير عنها ومشاركتها — ويبدؤون في رؤية أنفسهم بشكل مختلف. عندما قاد المربي والناشط البرازيلي باولو فريري حملات محو الأمية لم يكن ذلك لمجرد مساعدة الناس على الحصول على وظائف، وإنما أيضًا لمساعدتهم على تعلم أنه ”يمكنهم تكوين أنفسهم وإعادة تكوينها.“ [5]

نحن نرى القدرة نفسها كامنةً في البرمجة. لن يسعى معظم الطلاب ليمتهنوا البرمجة أو علوم الحاسوب، لكن تنمية طلاقة في البرمجة يعد أمرًا مفيدًا للجميع. عندما يقوم الطلاب بإنشاء قصصهم وألعابهم ورسومهم المتحركة باستخدام البرمجة، يبدؤون في رؤية أنفسهم كمبدعين ويطورون الثقة والاعتزاز بقدرتهم على إنشاء الأشياء والتعبير عن أنفسهم باستخدام التقنيات الحديثة.

يقلل بعض الدعاة إلى التفكير الحسابي من أهمية البرمجة، ويحتجون بأن هناك العديد من الوسائل الأخرى لتنمية مهارات التفكير الحسابي. لكننا وجدنا أن البرمجة يمكن أن تكون طريقة فعالةً بشكل خاص ليتفاعل الطلاب مع المفاهيم والممارسات والتصورات الحسابية. [2] عندما يبرمج الطلاب مشاريعهم الخاصة، فإنهم يتعرضون لمفاهيم واستراتيجيات لحل المعضلات في سياق ذي معنى، ولذا تكون المعرفة مضمنةً في شبكة غنية من الارتباطات، ويكون الطلاب نتيجةً لذلك أكثر قدرةً على الوصول إلى المعرفة وتطبيقها في مواقف جديدة.

صُممت لغة سكراتش ومجتمعها الافتراضي خصيصًا لدعم نمو الطلاقة الحسابية. يحتاج الطلاب وقتًا بالطبع لتنمية الطلاقة. العديد من المشاريع في مجتمع سكراتش الافتراضي بسيط للغاية أو يفتقر بنيةً جيدةً، والتي أنشأها طلاب في بداية استكشافاتهم لإمكانيات البرمجة. لكن عندما يتاح للطلاب الوقت والدعم اللازمان لتنمية طلاقتهم، فإننا نلاحظ كيف يمكنهم النمو كمفكرين حسابيين ومبدعين حسابيين.

على سبيل المثال، نود أن نشارك قصة عضوة في مجتمع سكراتش اسمها تارين، والتي تعرفت على سكراتش لأول مرة في مدرستها في جنوب إفريقية عندما كانت في العاشرة من عمرها. بعد بضع سنوات وفي حصة العلوم، استخدمت تارين سكراتش لبرمجة محاكاة تفاعلية لدورة الماء تضمنت شريطين منزلقين للتحكم بمعدلات التبخر فوق البحر وعلى اليابسة. بالمحصلة، أنشأت تارين دزينةً من المتغيرات المختلفة في المشروع (الشكل 3).شجع العمل على هذا المشروع تارين على مساعدة الآخرين على التعرف على المتغيرات، فقررت إنشاء مشروع تعليمي أسمته لا بد أن تحب المتغيرات Ya Gotta ♥ Variables وشاركته في مجتمع سكراتش الافتراضي (الشكل 4). كما أوضحت تارين في الملاحظات المرفقة بالمشروع: ”أحب المتغيرات! إنها مفيدة للغاية في البرمجة، ولم أكن لأتمكن من تنفيذ معظم مشاريعي دونها. إلا أنها قد تستعصي على الفهم قليلًا — وهذا ما سيساعدك فيه هذا الدرس!“ كما شجعت الآخرين على التجريب: ”استمتع بالعبث وتجريب المتغيرات والدوال المنطقية! كلما جربت أكثر (وأخفقت!)، كلما فهمت أكثر وصار من الأسهل عليك استخدام المتغيرات لجعل مشاريعك رائعة!“

غدت تارين مشهورةً في مجتمع سكراتش عبر سلسلة من المشاريع دعيت فصل الألوان Colour Divide، والتي تدور أحداثها في عالم خيالي بائس حيث يتعرض الناس لاختبار يحدد مكانهم في المجتمع (الشكل 5). تعاونت تارين في مشروع فصل الألوان الأولي مع خمسة طلاب آخرين التقتهم في المجتمع الافتراضي. كان المشروع بالنسبة لتارين وسيلةً لاستكشاف قضايا اجتماعية مهمة. عندما قابلنا تارين أوضحت بالتالي: ”فيما كنت أكبر، رأيت بالتأكيد الندوب التي خلّفها الفصل العنصري على بلدي وشعبي. أنا أستكشف ذلك حقًا من خلال الشخصيات المختلفة التي تشكل جزءًا من هذه القصة.“وصفت تارين الدور المهم الذي لعبه التعاون في تطوير فصل الألوان. ”رتبت الأمر بحيث يتمكن السكراتشيون (مستخدمو سكراتش) الآخرون من المساهمة بالوجوه والأصوات والمشاهد والموسيقى. لم أشعر أنه كان شيئًا أصنعه بقدر ما كان شيئًا نصنعه معًا. لقد أذهلتني دومًا أشكال الدعم والتعاون والمشاركة التي تحدث في المجتمع. هذا أحد أهم الجوانب التي تجعلني أعود إلى سكراتش كل يوم.“

غيرت تارين خلال عملها على سكراتش الطريقة التي تتعامل بها مع التعلم. وأوضحت: ”لقد أصبحت أكثر ثقةً في تجربة أمور جديدة والتعبير عن نفسي — وأكثر ارتياحًا في المخاطرة وارتكاب الأخطاء.“ وتضيف: ”في اللغات الأخرى، تكاد تكون خائفًا جدًا من إساءة فهم أمر وكتابة الشيء الخطأ والتعرض لإطلاق الأحكام عليك. لكن سكراتش أشبه باللعب، كرمي  أشياء معًا، وإن لم تنجح فلا مشكلة. والقدرة على ارتكاب الأخطاء جزء من الأمر الذي ينمي الثقة الإبداعية.“

يعتبر عمل تارين بالنسبة لنا مثالًا عن كيفية نمو الطلاب كمبدعين حسابيين ومفكرين حسابيين خلال عملهم على مشاريع سكراتش. لقد رأينا العديد من الطلاب الآخرين في مجتمع سكراتش يمرون بمسارات تعلم مماثلة، لكن العديد من الطلاب لا يتلقون الفرص أو الدعم اللازم لكي ينموا الطلاقة الحسابية ويتطوروا كمفكرين إبداعيين. كيف يمكننا مساعدة مزيد من الطلاب على تجربة مباهج وإمكانيات الطلاقة الحسابية؟

أربعة مبادئ توجيهية

طورنا في مجموعتنا البحثية أربعة مبادئ توجيهية لدعم التعلم الإبداعي والطلاقة الحسابية. هذه المبادئ الأربعة هي: ​​المشاريع والشغف والأقران واللعب. [14]

توفر هذه المبادئ إطار عمل لتوجيه تصميم التقنيات والأنشطة والمناهج الدراسية والمجتمعات والمساحات لتدعم البرمجة والتعلم. نستكشف هنا المبادئ الأربعة للتعلم الإبداعي من خلال أمثلة من مجتمع سكراتش.

المشاريع: زوِّد الطلاب بفرص للعمل على مشاريع ذات معنى (ليس فقط أحجيات أو أنشطة حل المعضلات)، بحيث يختبرون عملية تحويل فكرة أولية إلى إبداع يمكنهم مشاركته مع الآخرين.

نرى أن من الطبيعي تقديم البرمجة للنشء بأسلوب معتمد على المشاريع، بحيث يتعلمون التعبير عن أنفسهم بشكل إبداعي أثناء تعلمهم البرمجة. لكن العديد من المقدمات إلى البرمجة تنحو منحىً مختلفًا تمامًا، فتقدم للطلاب سلسلةً من الأحجيات المنطقية التي عليهم فيها برمجة شخصيات رسومية للانتقال من موقع إلى آخر، وعندما يقوم الطلاب بحل أحجية بنجاح يمكنهم الانتقال إلى الأحجية التالية. يتعلم الطلاب بلا شك بعض المفاهيم الحسابية المفيدة أثناء حل هذه الأحجيات، لكن تعلم البرمجة عن طريق حل الأحجيات المنطقية مشابه إلى حد ما تعلم الكتابة عن طريق حل ألغاز الكلمات المتقاطعة — وهذه ليست الطريقة لتصبح طلقًا حقًا. مثلما يطور الطلاب الطلاقة في اللغة عبر كتابة قصصهم الخاصة (وليس مجرد لعب ألعاب الكلمات)، ينمي الطلاب طلاقةً في البرمجة عبر إنشاء مشاريع (وليس حل أحجيات فقط).

تتحول المدارس على نحو متزايد إلى منهجية قائمة على المشاريع في البرمجة. على سبيل المثال، أنشأ طلاب الصف الرابع في إحدى المدارس مشاريع سكراتش عن كتاب شبكة شارلوت Charlotte’s Web بدل كتابة تقارير كتب تقليدية. في أحد المشاريع برمج طالب خنزيرًا ليتحرك في المشهد. ولجعل الخنزير يبدو بعيدًا برمجه الطالب ليصبح أصغر حجمًا، مطبقًا المفهوم الفني للمنظور ومستخدمًا حسابات رياضية لضبط حجم الخنزير. يمتد المشروع عبر مواد مختلفة من المنهاج، جامعًا مفاهيم من اللغة والفنون والرياضيات وعلوم الحاسوب. صمم الطلاب في مدارس أخرى مشاريع في مختلف المجالات الدراسية — منشئين ألعابًا عن مصر القديمة في مادة التاريخ، ومصممين نمذجةً لاستنساخ الحمض النووي في علوم الأحياء، ومنشئين رسومًا متحركةً لقصائد الهايكو في فنون اللغة.

قد يكون من الأسهل على المعلمين تقديم البرمجة من خلال الأحجيات التي تستطيع إخبار الطلاب فيما إذا كانوا قد حلوا المعضلة بشكل صحيح أو أين أخطؤوا. قد تكون إدارة صف مدرسي قائم على المشاريع أكثر صعوبةً، حيث سينشئ الطلاب المختلفون أنواعًا مختلفةً من المشاريع. ومع ذلك فإن هذه الفرصة تحديدًا لتطوير فكرة من تصور أولي إلى مشروع قابل للمشاركة هي ما يمكّن النشء من تنمية مهاراتهم في التفكير الإبداعي وحل المعضلات.

الشغف: اسمح للطلاب بالعمل على مشاريع مرتبطة باهتماماتهم. سيعملون لزمن أطول وبجد أكبر — وسيتعلمون أكثر أثناء ذلك.

لقد صممنا سكراتش لدعم مجال واسع من المشاريع والاهتمامات — من الفنون والموسيقى والرسوم المتحركة إلى الألعاب والقصص والمحاكاة. كما حرصنا أيضًا على أن يتمكن الطلاب من تخصيص مشروعاتهم وإضفاء طابع شخصي عليها عبر إمكانية إضافة صورهم وأصواتهم الخاصة.

ما أهمية هذا؟ للأطفال المختلفين اهتمامات مختلفة كما أنهم يأتون من ثقافات مختلفة ويفكرون بأساليب مختلفة. يعد دعم المسارات المتنوعة في سكراتش أمرًا مهمًا لضمان أن جميع الأطفال، من جميع الخلفيات، يمكنهم العمل على مشاريع سكراتش ذات صلة ومعنىً بنظرهم. يمكنك أن ترى على موقع سكراتش تنوعًا بالغًا من المشاريع: كل شيء من النشرات الإخبارية التفاعلية إلى دروس الرقص إلى ألعاب الملابس التاريخية إلى آلات الإيقاع الموسيقية. هذا مؤشر على أن سكراتش تدعم طلابًا من مجال واسع من الاهتمامات والرغبات المختلفة. وبالمثل، عند تقييمنا صفوف أو ورشات سكراتش، فإننا نستخدم تنوع المشاريع كمقياس للنجاح — في مؤشر إلى أن الأطفال يعملون على مشاريع يهتمون بها.

في ورقة بحثية مؤثرة من التسعينيات، شددت شيري تركل Sherry Turkle وسيمور بابرت Seymour Papert على أن تشجيع أنماط متنوعة من التفكير والبرمجة أمر ضروري لتعزيز المساواة وتطوير ثقافة حوسبة أكثر احتضانًا للجميع. [21] وقد كتبا فيها:

”الحاسوب وسيلة تعبير يمكن للناس المختلفين جعلها خاصتهم بطرائقهم الخاصة… يشير تنوع الأساليب في البرمجة إلى أن الوصول المتكافئ حتى إلى أكثر عناصر الحوسبة بساطةً يتطلب قبول صحة طرائق متعددة للمعرفة والتفكير، [أي قبول] تعددية معرفية epistemological pluralism.“

عادةً ما نشير إلى هذه الفكرة بعبارة ”مسارات عدة، أساليب شتى.“ يضع بعض الطلاب خططًا مفصلةً، فيما البعض الآخر يستكشف ويعبث. يستمتع بعض الطلاب بسرد القصص، بينما يستمتع البعض الآخر بإنشاء الأنماط. بعض الطلاب متحمسون للحيوانات، والبعض الآخر متحمس للرياضة. للتأكد من أن البرمجة للجميع، من المهم دعم نقاط البدء والأساليب المتنوعة هذه.

الأقران: شجع التعاون والمشاركة، وساعد الطلاب على تعلم الاستفادة من أعمال الآخرين.

عندما أطلقت مجموعتنا البحثية لغة سكراتش عام 2007، أطلقنا مجتمع سكراتش الافتراضي في الوقت نفسه. أردنا دعم الجانب الاجتماعي من التعلم وإتاحة فرص للطلاب للتعلم بعضهم مع ومن بعض. نما المجتمع الافتراضي ليصبح مساحةً نشطةً يعاون فيها النشء بعضهم بعضًا ويشاركون أكثر من مليون مشروع وينشرون أكثر من ثلاثة ملايين تعليق كل شهر.

لقد تعلمنا من السكراتشيين مدى أهمية المجتمع الافتراضي في تحفيز مشاركتهم المستمرة. [18] كما أوضح أحد السكراتشيين: ”كنت سأنسحب سابقًا ولكني كونت صداقات… كان لدي بالطبع أصدقاء على أرض الواقع، ولكن وجود أصدقاء في بلدان أخرى لهم الاهتمامات نفسها جعلني أعود للتحدث معهم.“

يتحدث النشء عن أسباب متعددة تجعل مجتمع سكراتش الافتراضي مهمًا لهم:

  • يوفر المجتمع جمهورًا: عندما يشارك النشء المشروعات التي قاموا بإنشائها فإنهم يتلقون تعليقات وتشجيعًا واقتراحات من أقرانهم في المجتمع.
  • يوفر المجتمع مصدر إلهام: يجد الناشئة أفكارًا جديدةً لمشاريعهم عبر  مطالعة مشاريع الآخرين على الموقع.
  • يوفر المجتمع صلات: يكوّن النشء صداقات ويلتقون آخرين ممن لهم اهتمامات مشتركة من مدن وبلدان أخرى.

وكما كتب فتىً في المجتمع الافتراضي متفكرًا: ”عندما استخدمت الموقع اهتممت بمشاريع الآخرين. هذه هي الطريقة التي تعلمت بها سكراتش إلى حد كبير: من خلال بناء مشاريع انطلاقًا من مشاريع الآخرين والمشاركة والإنشاء. لقد كونت العديد من الصداقات هنا مع من قاموا بإنشاء مشاريع انطلاقًا من مشاريعي وعلقوا عليها وعلموني أشياء جديدة.“

مع نمو المشاركة في مجتمع سكراتش، أظهر الناشئة صورًا من التعاون تتجاوز ما كنا نتوقعه بدايةً. لقد بادر عدد متزايد من الناشئة بالتواصل والتنسيق والتعاون في المشاريع والأنشطة. ما يقرب من ربع مجموع المشاريع على موقع سكراتش عبارة عن مشاريع صنعت انطلاقًا من مشاريع أخرى، يقوم فيها الطلاب بتعديل أو إضافة مقاطع برمجية إلى مشاريع قائمة. [4] يشكل بعض الطلاب مجموعات تعاونية لإنشاء ألعاب ورسوم متحركة معقدة لا يمكن لأي منهم إنشاؤها بمفرده. وتعلم طلاب آخرون كيفية إنشاء مشاريع من خلال التعهيد الجماعي crowdsourcing، طالبين من الآخرين في المجتمع المساهمة بمقاطع برمجية أو صور أو مقاطع صوتية. [17]

قبل بضع سنوات، أخبرنا أستاذ فيزياء جامعي أن أطفاله قد انخرطوا بشكل نشط في مجتمع سكراتش. توقعنا أن يستفيض بالحديث عن مهارات البرمجة والأفكار الحسابية التي كانوا يتعلمونها. لكن هذا لم يكن أكثر ما أثار اهتمامه، وإنما كان متحمسًا لأن أطفاله كانوا يشاركون في مجتمع مفتوح لبناء المعرفة. أوضح قائلاً: ”إنه مثل المجتمع العلمي. يقوم الأطفال باستمرار بمشاركة الأفكار ويبني بعضهم على أعمال بعض. إنهم يتعلمون كيف يعمل المجتمع العلمي.“

اللعب: أنشئ بيئةً يشعر فيها الطلاب بالأمان اللازم للمجازفة ومحاولة أمور جديدة والتجريب بشكل لعوب.

صُممت سكراتش لتشجيع التجريب اللعوب والعبث tinkering. كما هو الحال مع مكعبات ليغو، من السهل تركيب لبنات البرمجة في سكراتش لتجربة أفكار جديدة، كما أنه من السهل أيضًا فكها لإعادة النظر ومعاودة الكرة. ما عليك سوى نقر كدسة من لبنات سكراتش وسيتم تشغيل المقطع البرمجي على الفور. لا توجد رسائل خطأ في محرر البرمجة في سكراتش. بدلاً من ذلك، يتعلم العديد من الأطفال استراتيجيات جديدةً في البرمجة عبر تجربة مجموعات مختلفة من لبنات سكراتش بشكل لعوب، وملاحظة ما يحدث عند تشغيل برامجهم، وإعادة النظر في برامجهم بشكل متكرر، ومطالعة المقاطع البرمجية في مشاريع أخرى. نحن لا ننظر إلى ”اللعب“ باعتباره نشاطًا بل عقليةً: رغبةً في التجريب والمجازفة ومحاولة أمور جديدة.

عندما أجرينا مقابلات مع سكراتشيين قدامى، وجدنا أن الكثيرين انهمكوا في البرمجة عبر ”العبث“ في سكراتش. [16] على سبيل المثال، أوضح سكراتشي قديم أنه تعلم عن المتغيرات والأحداث ومفاهيم البرمجة الأخرى ”بمجرد التجريب.“ على الرغم من أن تدريس المفاهيم من خلال التدريس المباشر قد يبدو أكثر فاعلية، إلا أننا رأينا أن العديد من الطلاب يصبحون أكثر انهماكًا ويكتسبون إحساسًا أكبر بالقدرة على التحكم والثقة عندما يتعلمون من خلال التجريب والاستكشاف اللعوبين. نحن نقدم دروسًا تعليمية على موقع سكراتش، لكن هذه الدروس مصممة لتشجيع الطلاب على تضمين أفكارهم وإنشاء تنويعاتهم الخاصة بهم، وليس فقط اتباع التعليمات خطوةً فخطوة.

تؤكد إرشادات مجتمع سكراتش على أهمية أن تكون محترمًا وودودًا، وتنص بوضوح على أن سكراتش ”ترحب بالناس من جميع الأعمار والأجناس والأعراق والأديان والقدرات والتوجهات والهويات الجنسية“. [19] صار التواصل المحترم واحتضان الجميع عرفًا سائدًا ينقله المشاركون ذوو الخبرة إلى الوافدين الجدد وغيرهم. [10] وجود مجتمع محترم ضروري لتحقيق أهدافنا من سكراتش. عندما يشعر الناس أنهم محاطون بأقران محترمين ومهتمين بالآخرين، فإنهم أكثر قابليةً لأن يلعبوا — أي يحاولوا أمورًا جديدةً ويجازفوا بتجريب الأمور، وهذا ما يشكل جزءًا أساسيًا من العملية الإبداعية.

تطبيق المبادئ الأربعة

من خلال مراقبتنا لأنشطة سكراتش حول العالم خلال العقد الماضي، لاحظنا قيمة المشاريع والشغف والأقران واللعب في دعم تنمية الطلاقة الحسابية. لكننا لاحظنا أيضًا أنه ليس من السهل وضع هذه المبادئ الأربعة موضع التطبيق في واقع الصفوف المدرسية والتي تقودها معايير اختبار وتقييم محددة.

لقد شجَّعَنا أن نرى عددًا متزايدًا من المعلمين والمدارس يجدون سبلًا لدمج الأساليب الإبداعية والمعبرة في البرمجة في ممارساتهم الصفية. في مدرسة ثانوية حكومية في تاكوما بولاية واشنطن على سبيل المثال، أرادت معلمة علوم الحاسوب، جليسة تراب Jaleesa Trapp، تزويد طلابها بفرصة تعلم المفاهيم الحسابية في سياق مشاريع قد تكون ذات معنىً لهم. لاحظت جليسة أن العديد من طلابها استمتعوا بمشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية على الإنترنت، فاقترحت عليهم استخدام سكراتش لإنشاء دروسهم التعليمية الخاصة.

أنشأ الطلاب مجموعةً واسعةً من المشاريع: كيف تمارس الكروشيه وكيف تستخدم طابعةً ثلاثية الأبعاد وكيف تصنع لعبة فيديو من بين أمور أخرى. صمم الطلاب مشاريعهم لجعلها في متناول مستخدمين بقدرات متنوعة. كي ينشئوا مشاريعهم، احتاج الطلاب إلى إجراء أبحاث عن موضوعاتهم، وتطوير نماذج أولية من دروسهم، واختبار هذه النماذج مع طلاب آخرين، ثم مراجعتها، وأخيراً عرض مشروعاتهم على الأهل والأصدقاء إضافةً إلى مشاركتها مع جمهور أوسع عبر الإنترنت.

كان هذا النشاط متوافقًا بشكل جيد مع المبادئ الأربعة، حيث كان الطلاب يعملون على مشاريع انطلاقًا من شغفهم وبالتعاون مع أقرانهم وبروح لعوب. لكن النشاط كان أيضًا متوافقًا بشكل جيد مع معايير مناهج علوم الحاسوب والهندسة نظرًا لأنه تضمن التصميم التكراري والاختبار وتصحيح الأخطاء وتنقيح برامج الحاسوب. [3، 12] اكتسب الطلاب فهمًا لمفاهيم وممارسات حسابية هامة (كاستخدام بنى التحكم وتحسين القابلية للاستخدام) خلال العمل على مشاريعهم.

أرادت جليسة أيضًا منهجية تقييم تكون ذات معنىً للطلاب. ولذلك طلبت من الطلاب قبل أن يشرعوا في التصميم أن يساعدوها في تطوير معيار لتقييم مشاريعهم. فبدأوا بتحديد ميزات مقاطع الفيديو التعليمية التي قدّروها وقرروا معًا العوامل الأكثر أهميةً لتضمينها في معيار التقييم. عبر مساهمتهم في معايير التقييم، طور الطلاب فهمًا مشتركًا للأهداف وبذلوا جهدهم في الوصول إليها.

أشارت جليسة إلى أن العديد من مبادرات علوم الحاسوب تقيّم الطلاب تبعًا لعدد لبنات البرمجة المختلفة التي يستخدمونها في مشاريعهم. كانت جليسة قلقةً من أن التركيز على هذا المعيار قد يؤدي بالطلاب ببساطة إلى إضافة لبنات برمجة اعتباطًا لتلبية المطلوب، دون فهم الغرض من اللبنات المختلفة. بدلاً من ذلك، استخدم الطلاب في صف جليسة مجموعةً متنوعةً من اللبنات البرمجية بطريقة أصيلة. وبما أن الطلاب كانوا يصممون مشاريع تعليمية تدعم مستخدمين بقدرات متفاوتة، فقد احتاجوا بطبيعة الحال إلى تنسيق أحداث متعددة وتضمين أنواع متعددة من الوسائط والاستجابة لأنواع مختلفة من مدخلات المستخدم.

العقد القادم

نحن في لحظة تشكل فرصةً كبيرةً وتحديًا كبيرًا في آن، فحتى مع تدفق التقنيات الحديثة إلى المدارس واعتماد مبادرات جديدة في البرمجة، فإن الهيكليات الأساسية لمعظم المؤسسات التعليمية بقيت دون تغيير يذكر. إذا أردنا للتقنيات الحديثة ومبادرات البرمجة الجديدة أن تفي بما تبشر به، فيجب علينا كسر الحواجز الهيكلية في النظام التعليمي.

نحن بحاجة إلى كسر حواجز التخصصات، مانحين الطلاب فرص العمل على مشاريع تدمج العلوم والفنون والهندسة والتصميم. ونحن بحاجة إلى كسر حواجز الأعمار، سامحين للناس من جميع الأعمار بالتعلم بعضهم مع ومن بعض. ونحن بحاجة إلى كسر حواجز الأماكن، رابطين بين الأنشطة التي تجري في المدرسة والبيت والمركز المجتمعي. ونحن بحاجة إلى كسر حواجز الأوقات، ممكنين الأطفال من العمل على مشاريع تنطلق من اهتماماتهم وتمتد لأسابيع أو أشهر، بدل تقييد المشاريع في الأطر الضيقة لحصة دراسية أو وحدة من المنهاج.

من الصعب كسر هذه الحواجز الهيكلية. يتطلب الأمر تحولًا في الكيفية التي يفكر بها الناس بالتعليم والتعلم. يحتاج الناس إلى رؤية التعليم لا كأنه وسيلة لتوصيل المعلومات، بل كوسيلة لدعم الطلاب في الاستكشاف والتجريب والتعبير عن أنفسهم، بحيث يتمكن الطلاب من تنمية الإبداع والتعاون ومهارات التواصل اللازمة للنجاح في عالم اليوم سريع التغير.

ستتطلب هذه التغييرات في الهيكليات والذهنيات جهودًا من كثير من الناس في مختلف المواقع والمستويات. هناك بالفعل معلمون ومدارس وحتى مناطق بأكملها تطبق منهجيات إبداعيةً جديدةً في البرمجة والتعلم. علينا الاستفادة من هذه الأمثلة لدعم تغيير أوسع. لا يمكن لأية سياسة منفردة أو مدرسة منفردة أو تقنية منفردة إيقاع التغيير وحدها. إننا بحاجة إلى حراك يقوم فيه الناس في مختلف جوانب المنظومة التعليمية — مربين وإداريين وباحثين ومطوري مناهج دراسية وصانعي أدوات وصانعي قرار — بالتفكير  بالبرمجة بأشكال جديدة وبالتفكير بالتعلم بأشكال جديدة.

نحن على مفترق طرق. نأمل بعد عشر سنوات من الآن أن نتمكن من النظر إلى الوراء لنحكي عن عقد من التحول التعليمي، تزود فيه المدارس طلابها بالوقت والمكان والدعم والتشجيع الذي يلزمهم لكي يمتلكوا الطلاقة في التقنيات الحديثة بحيث يتمكنون من المساعدة في تشكيل مجتمع الغد.

عرفان بالجميل

ساهم العديد من الأشخاص في تصميم سكراتش وتطويرها ودعمها، ولا سيما أعضاء مجموعة روضة أطفال مدى الحياة Lifelong Kindergarten في الميديالاب في جامعة إم آي تي MIT Media Lab وفريق سكراتش في مؤسسة سكراتش. نحن ممتنون للمؤسسة الوطنية للعلوم لدعمها الأبحاث الأولية وتطوير سكراتش، ولوقف عائلة سيغل Siegel Family Endowment ومؤسسة ليغو LEGO Foundation وغيرهم من الداعمين لجعلهم إتاحة سكراتش مجانًا للناشئة والمعلمين حول العالم أمرًا ممكنًا.

المراجع

  1. Bau, D., Gray, J., Kelleher, C., Sheldon, J. and Turbak, F. Learnable programming: blocks and beyond. Commun. ACM 60, 6 (Jun. 2017), 72–80; https://dl.acm.org/citation.cfm?doid=3098997.3015455
  2. Brennan, K. and Resnick, M. Using artifact-based interviews to study the development of computational thinking in interactive media design. Annual Meeting of the American Educational Research Association, Vancouver, B.C, 2012.
  3. Computer Science Teachers Association. CSTA K-12 Computer Science Standards, 2017; http://www.csteachers.org/standards
  4. Dasgupta, W.H., Monroy-Hernández, A. and Hill, B.M. Remixing as a pathway to computational thinking. In Proceedings of the 19th ACM Conference on Computer-Supported Cooperative Work & Social Computing (2016). ACM, New York, 1438–1449. https://doi.org/10.1145/2818048.2819984
  5. Freire, P. Pedagogy of Indignation. Paradigm, Boulder, CO, 2014.
  6. Israel, M., Pearson, J.N., Tapia, T., Wherfel, Q.M., and Reese, G. Supporting all learners in school-wide computational thinking: A cross-case qualitative analysis. Computers & Education, 82 (Mar. 2015), 263– 279; https://doi.org/10.1016/j.compedu.2014.11.022
  7. Kafai, Y.B. and Burke, Q. Connected Code: Why Children Need to Learn Programming. MIT Press, Cambridge, MA, 2014.
  8. Ke, F. An implementation of design-based learning through creating educational computer games: A case study on mathematics learning during design and computing. Computers & Education, 73 (Apr. 2014), 26–39.
  9. Khine, M.S. Robotics in STEM Education. Springer, 2017; https://doi.org/10.1007/978-3-319-57786-9
  10. Lombana-Bermudez, A. Moderation and sense of community in a youth-oriented online platform. 2017; https://bit.ly/2NfpxEl
  11. Maloney, J., Peppler, K., Kafai, Y., Resnick, M., and Rusk, N. Programming by choice: Urban youth learning programming with Scratch. ACM SIGCSE Bulletin 40, 1 (Mar. 2008), 367–371.
  12. NGSS Lead States. Next Generation Science Standards: For States, by States. National Academies Press, Washington, D.C., 2013.
  13. National Research Council. Education for Life and Work: Developing Transferable Knowledge and Skills in the 21st Century. National Academies Press, Washington, D.C., 2013
  14. Resnick, M. Lifelong Kindergarten: Cultivating Creativity through Projects, Passion, Peers, and Play. MIT Press, Cambridge, MA, 2017.
  15. Resnick, M., Maloney, J., Monroy-Hernández, A., Rusk, N., Eastmond, E., Brennan, K., Millner, A., Rosenbaum, E., Silver, J., Silverman, B., and Kafai, Y. Scratch: Programming for all. Commun. ACM 52, 11 (Nov. 2009), 60–67.
  16. Roque, R. and Rusk, N. Youth perspectives on their development in a coding community. Info. Learning Sci. (Apr. 2019); https://doi.org/10.1108/ILS-05-2018-0038
  17. Roque, R., Rusk, N., and Resnick, M. 2016. Supporting diverse and creative collaboration in the Scratch online community. Mass Collaboration and Education. U. Cress, H. Jeong, and J. Moskaliuk (Eds.) Springer, Cham, Switzerland. 241–256; https://doi.org/10.1007/978-3-319-13536-6_12
  18. Rusk, N. Motivation for making. Makeology: Makers as Learners., K. Peppler, E. Rosenfeld Halverson, and Y.B. Kafai (Eds.). Routledge, New York, NY, 85–108.
  19. Scratch Community Guidelines. 2018; http://scratch.mit.edu/community_guidelines/
  20. Sentance, S., Waite, J., Hodges, S., MacLeod, E., and Yeomans, L. ‘Creating cool stuff:’ Pupils’ experience of the BBC micro:bit. In Proceedings of the 2017 ACM SIGCSE (Seattle, WA) 531–536.
  21. Turkle, S. and Papert, S. Epistemological pluralism: Styles and voices within the computer culture. SIGNS: 16, 1 (1990), 128–157.
  22. Wing, J.M. Computational thinking, Commun. ACM 49, 3 (Mar. 2006), 33–35.

Yu, J. and Roque, R., A review of computational toys and kits for young children. Int’l J. Child-Computer Interaction. (Jul. 2019); https://doi.org/10.1016/j.ijcci.2019.04.001


المقال الأصلي: Resnick, M., & Rusk, N. (2020). Coding at a crossroads. Communications of the ACM, 63(11), 120-127.

رأي واحد حول “البرمجة على مفترق طرق

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه:
search previous next tag category expand menu location phone mail time cart zoom edit close