﷽
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمّي، محمد معلّم الناس الخير، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في إحدى المواد التي درستها الفصل الماضي في الميديا لاب ناقشنا كيف يمكن أن نأخذ منهجيتنا في التعلّم (والتي سأتحدث عنها في تدوينة قادمة بإذن الله) وتجاربنا وممارساتنا (التي نعتقد صحتها وأفضليتها) إلى مختلف أرجاء العالم خارج جدران المعهد، بحيث يمكن تطبيقها على نطاق واسع من خلال الوب. أحد مدرسينا كان إيثن زُكِرمَن (@EthanZ)، وهو ناشط ومدون وباحث في مجال الإعلام. لإيثن تجربة مطوّلة في إفريقية حدثنا عنها، وهي ما أريد مشاركة شيء منه هنا.
كانت لإيثن تجربة ناجحة في مجال الأعمال والوب في نهاية التسعينات، دفعته للاعتقاد أن بإمكان التقنية الحديثة حل المشاكل في أي مكان. كانت وجهته هي إفريقية إذ كان مهتمًا بتمكين الناس في المجتمعات النامية. بدأ إيثن إرسال متطوعين بخلفية تقنية من الولايات المتحدة ليمضوا بعض الوقت في شركات خاصة في غانة تقدم خدمات مفيدة للمجتمع، يقومون فيها بتدريب الموظفين في مجالات ذات صلة بتقنية الاتصالات والمعلومات لمساعدتهم في بدء مشاريع تحسن الخدمات التي تقدمها الشركة. بعد بضع سنوات سلّم إيثن بالأمر الواقع بعد أن بدأت موارده لتمويل المشروع بالنفاد: لقد أخفق إخفاقًا ذريعًا.
لم تعمل المشاريع كما ينبغي ولم تكن واضحة المعالم أصلًا. كما أصيب المتطوعون بالإحباط، إذ بدل أن يعملوا كمعلمين ومدربين في المجال التقني كما كانوا يأملون، انتهى بهم المطاف إلى إمضاء الوقت في تقديم النصائح لإصلاح الجوانب الإدارية. لاحظ إيثن كذلك أنه نتيجة قحط الخبرات في المجتمع فإن الموظفين بدؤوا بمغادرة شركاتهم (التي كان يفترض بإيثن مساعدتها) بمجرد أن يكتسبوا مهارةً جديدةً إلى أماكن أخرى تدر عليهم دخلًا أفضل. أخطأ إيثن كذلك في قراءة الوضع الاقتصادي، إذ بناء على خبرته في الولايات المتحدة بنى مشروعه على تحسين الوضع في القطاع الخاص، ولكن هذا القطاع صغير للغاية وقليل التأثير في الدول النامية، فيما كان عليه، كما يرى الآن، أن يركز على القطاع الحكومي.
أتى إيثن وأصحابه كذلك بالإديولوجية الخاصة بهم، ومنها مثلًا أن استخدام البرمجيات الحرة هو الأفضل لهذه المجتمعات، وكانوا قد أعدوا برامجهم التدريبية وفقًا لذلك. كان الوضع على أرض الواقع على النقيض تمامًا، إذ أن الوصول إلى البرمجيات المغلقة وتعلمها والحصول على دعم لها كان أكثر سهولةً وعمليةً وأقل كلفةً في كثير من النواحي.
كان من عادة إيثن في كل رحلة يقوم بها من الولايات المتحدة إلى إحدى الدول الإفريقية التي تستضيف مشروعه أن يسافر بحقيبة ضخمة ملأى بالكتب التقنية المستعملة التي يتبرع بها الناشرون. فاجأه المسؤولون في المطار في إحدى المرات بسؤاله بعد رؤية الكتب فيما إن كان مبشرًا (أي منصّرًا missionary). اكتشف إيثن أن إجابة هذا السؤال لم تكن سهلة، إذ أدرك أنه وصحبه يعملون فعلياً كمبشرين ”بالتقنية“: قادمين من مجتمع مختلف، مقتنعين بأنهم يحملون الحقيقة المطلقة التي ستخرج هؤلاء الأشقياء مما هم فيه من بؤس وتضمن لهم الخلاص والسلام الأبديين، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء فهم المجتمعات التي يستهدفونها أو احتياجاتها الحقيقية.
يرى إيثن أن إخفاقه كان بسبب أنه تعامل مع المجتمع الذي نزل عليه من منطلق: ”نحن نعرف ما يلزمكم وسنعلّمكم أو نزوّدكم بما تحتاجون معرفته أو امتلاكه، ولا بد أنكم ستكونون أفضل حالًا بعد ذلك.” يضيف قائلًا بأن العبارة قد تكون صحيحةً وقد لا تكون، ولكن وجودها كمنطلق ذهني أسس لديه عقليةً فوقيةً منعته من استقراء الواقع والتعلّم من الدروس التي كانت تمر تحت ناظريه.
ذكر إيثن مثالًا آخر على هذه النوعية من المشاريع هو مشروع حاسب محمول لكل طفل (OLPC):[١] تركيبة ممتازة من النوايا الحسنة والتقنية الجيدة، ولكن مع اعتماد عميق على النموذج التبشيري، المبني في هذه الحالة على فكرة أن مجرد نشر التقنية سيعمل بشكل سحري على حل مشاكل التعليم، وأن المدارس المحلية القائمة لا يمكنها القيام بوظيفة التعليم المنوطة بها على الإطلاق، ولذا بالإمكان استبدال الحواسب بالمدارس. سواء كانت هذه فكرةً صائبةً أم لا، فمن المستحيل معرفة ما يصلح في نظام التعليم المحلي وما ينبغي استبداله عندما تبدأ العمل مفترضًا أن النظام معتل بشكل لا يقبل الإصلاح.
اللطيف في الأمر، أن إيثن تعلّم النموذج المقابل للنموذج التبشيري من… منصّر! 🙂
التقى إيثن هذا المنصّر في السنغال عندما أخبره بقصته عن الكيفية التي قام بها بأداء عمله: لاحظ المنصّر أن الخبز يباع ملفوفاً بورق جرائد، وأن الناس بشكل عام لا يحسنون القراءة. فبدل أن يوزع الأناجيل كان أن بدأ ببيع أوراق اللف لبائعي الخبز بثمن بخس، وكان على الأوراق الجديدة دروس لتعليم القراءة (والقصص المستخدمة فيها هي قصص من الإنجيل). كان الناس يحتفظون بهذه الأوراق لأنهم يستطيعون مبادلة كل مائة منها بمكافأة مادية، وكان يرافق هذه الأوراق دروس على محطة الإذاعة المحلية، مستفيداً من كون الإذاعة الوسيط الإعلامي الشائع في تلك البيئة.
للوصول إلى هذه المنهجية المبتكرة (والفعالة) في التنصير، كان على المنصّر تعلّم الكثير عن طبيعة المجتمع ووسائل الإعلام المتاحة وأنماط التعلم والمحفزات الاقتصادية حيث أراد نشر رسالته.
قصة النجاح التي نقلها إيثن عن المنصّر لم تكن إلا لأنه تبنى ما يسميه عقلية التعلّم المتناظر: عندما تريد مساعدة مجتمع أو مجموعة ما من الناس وتريد منهم أن يتعلموا أو يأخذو منك شيئًا لينهضوا بأنفسهم، فإنك ستنجز الكثير عندما تفترض أن عليك أن تتعلّم من أو عن هذا المجتمع بقدر ما تريد تقديمه وتعليمه له، ولا تعني عبارة ”ما عليك تعلّمه“ منظوراً مائعاً مثل ”يا سلام.. لقد استفدت كثيراً من هذه التجربة“ وإنما شيئاً عملياً مثل ”لقد كنت بحاجة لتعلّم هذه الأشياء كي أساعدهم بفعالية.“ لا أحصر التعلّم في هذا التعبير بما يحصل في المدرسة، وإنما أعني به المعنى الأوسع المتعلق بنقل الخبرات والنهوض بالأنفس والمجتمعات.
هذه القصص والعقليات يتكرر مثيلها أمامنا في أزمنة وأمكنة عدة: المعلم الذي يعلم طلابه دون أن يتيح لنفسه فرصة مراقبتهم أثناء ذلك ليتعلم كيف بإمكانه تعليمهم بشكل أفضل، والطالب الذي تعلم في الخارج ويريد أن تصبح بلده كالبلد التي درس بها فيستجلب حلولًا لا تناسب السياق المحلي، والمسؤول (أو الإعلامي) الذي أعجبته إحدى قصص النجاح في دولة أخرى ويريد استنساخها، وفي الحالة التي أتعامل معها مؤخرًا: الجهة الإغاثية أو المتطوع القادم لإغاثة المنكوبين والنازحين دون معرفة شيء عنهم. في اللحظة التي يحكم منهجيتك شعور بالفوقية (أو الشفقة، كلاهما سواء) تجاه المجتمع الذي تتعامل معه فإنك ستنحدر سريعًا إلى استخدام النموذج التبشيري، وستغفل عما عليك تعلمه من هذا المجتمع لأداء مهمتك بالشكل الصحيح، ولن تنفع النيات الحسنة عند ذلك كثيرًا[٢] 😐
تجاوز ضرورة التعلم عن المجتمع الذي تساعده لا تعني فقط أن جهودك قد تضيع هباءً، وإنما احتمالية حدوث ما هو أسوأ، أي إحداث ضرر بالغ في بنية المجتمع المستهدف لا تسهل إزالته. وأذكر هنا أمثلة عن ذلك مما خبرته في مخيمات النازحين في الشمال السوري المحرر:
- تتعامل الجهات الإغاثية مع النازحين في مخيماتهم على أنهم تجمع من الأفراد وليس كمجتمع طبيعي، رغم أن القادمين إلى مخيم ما ينزحون عادةً معًا من قرية أو بلدة محددة، وهناك بالتالي الكثير من الروابط الاجتماعية والتراحمية القائمة والتي يمكن البناء عليها بشكل طيب. في مجتمع طبيعي، يدرك أعضاؤه أن لكل منهم حقوقًا وعليه واجبات، والأصل في المجتمع المسلم أن الكل يحصل على حقوقه لأن الجميع يقومون بواجباتهم،[٣] فيكون الطبيعي أن يسعى كل منهم لأداء دور في هذا المجتمع. المؤسف أن الجهات الإغاثية (مؤسسات وأفراداً) تجاهلت مكامن الخير هذه وتعاملت مع الوضع من منطلق أشبه بقول الحُطَيئة الذي بطّن فيه الذم في ظاهر من المدح:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها ….. واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فيقدمون للناس دون حساب لأثر ذلك في نفوسهم وكرامتهم ونظرتهم لأنفسهم، ويفوّتون كذلك على أنفسهم وعلى من يبتغون عونهم فرصًا لبناء تفاعلات مجتمعية طيبة، كما في هذا المثال الذي أقتبسه من تدوينة سابقة:
كنا نتحدث أثناء ذلك عن أمور مختلفة تتعلق بالمخيم، وانضمت إلينا حينئذ مجموعة من الشبان أعمارهم بين السادسة عشرة والسابعة عشرة، وكان من الأشياء التي استفسرت عنها غياب متطوعين من النازحين أنفسهم ليساعدوا في إعداد المخيم الجديد والقيام باحتياجاته. أجاب أحدهم بأنهم تطوعوا بادئ الأمر، ولكن سرعان ما عرضت إحدى المؤسسات الإغاثية المال على البعض لينجزوا بعض الإنشاءات في المخيم، وهنا بدأ الناس بالتساؤل – والكلام ما زال للشاب نفسه – عن الفائدة من التطوع فيما آخرون يحصلون على مال هم في أشد الحاجة إليه مقابل القيام بالعمل نفسه.
- يدرك النازحون (في البدية على الأقل) أنهم في حرب طويلة ومحنة لا ينجيهم منها إلا الله، والوعي بهذا الأمر يشيع فيهم معاني من الصبر والتراحم والتعاون لا يمكن إنماؤها بوسائل أخرى. إهمال هذا الحافز لا يعني فقط تفويت فرصة إزكاء هذه المعاني فحسب، وإنما إتاحة المجال للمعاني السلبية المقابلة للنمو في بيئة خصبة سيسيطر عليها اليأس والقنوط والأنانية سريعًا. تحمل عبارة ”إعطاء الخبز بيد والإنجيل باليد الأخرى“ معنى سلبيًا في ذهني لارتباطها بالحملات التنصيرية، ولكن هناك ما يمكن تعلمه من ذلك هو أن للناس قابليةً للاستماع لمن يحسن إليهم، فكيف إن كان يذكرهم بمعانٍ جذورها لديهم أصلًا؟ لا أعني بذلك افتتاح مدرسة شرعية في كل مخيم (وإن كنت أرى في ذلك أمرًا طيبًا من حيث المبدأ، وأختلف مع الأسلوب المتبع عادةً في تلك المؤسسات)، وإنما تذكير الناس بالله وحثهم على تقواه أثناء التعامل معهم. التنبه لهذا الأمر والعمل عليه سيسهل على الناس وعلى الجهة الإغاثية العمل معًا ويقلل من كثير من المشاكل المزمنة الحاضرة في العمل الإغاثي اليوم.
- يتبادر إلى أذهان البعض أن تقديم الحوافز المادية أو اللفظية يشجع الناس على الأداء بشكل أفضل، وقد رأيت بعض المحسنين الأفاضل ممن يزور المخيم ويجد أن الأطفال يقومون بحفظ القرآن فيخصصون مكافأةً ماديةً لمن يحفظ أكثر وفي ظنهم أنهم يشجعون ذلك. أستطيع القول اختصارًا أننا كثيرًا ما نعاقب أطفالنا عندما نكافئهم، سواءً بهدية مادية أو شهادة أو حتى ثناء لفظي،[٤] إذ نخرّب دوافعهم الذاتية ونلجؤهم إلى التعلق بدوافع خارجية لا تدوم، وبزوال هذه المحفزات الخارجية لن يكون بمقدور الأطفال استعادة دوافعهم الداخلية الخاصة – كما أنهم سيفقدون إخلاصهم سريعاً. وخلافاً للاعتقاد السائد فقد وجد باحثون أن الحوافز المادية لا تصلح إلا لتحسين الأداء في الأعمال الميكانيكية التي لا تحتاج أي جهد ذهني، أما في الأعمال التي تتضمن أدنى جهد ذهني أو تفكير إبداعي فإن زيادة المكافآت أدت إلى أداء أقل جودة!
- العديد من القادمين من الخارج للعمل مع الأطفال تحكمهم عقلية ”الخواجات“ فيما يتعلق بالأخلاقيات التي على الأطفال التحلي بها، وخاصةً ما يتعلق بقضايا العنف والسلام والتعدد والطائفية. المشكلة فيمن أفترض فيهم حسن النية أنهم يتجاهلون السياق الحالي الذي يتواجد فيه الأطفال وطبيعة الصراع القائم والأطراف القائمة به، ويذكرونني دومًا (بحكم وجودي في الولايات المتحدة) بأولئك الذين يعملون على مشاريع مماثلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع جهلهم بخلفية الصراع (أو تجاهلهم لها)، والمحصلة هي الخروج بجيل من الرماديين لا يرى في الثورة القائمة إلا صراعًا عبثيًا وتفصله فجوة أخلاقية واسعة عن المجاهدين والمرابطين على مختلف الجبهات والثغور.
أحد الجوانب التي أسمع عليها اعتراضًا مثلًا هو ما تحويه أغاني الثورة التي يرددها الأطفال من عنف وغضب، وقد كتبت عن ذلك في تدوينة نشرتها مؤخرًا أقتبس منها التالي:
وصلتني تعليقات وتحفظات عدة على أداء الأطفال للأغاني المتعلقة بالثورة لما فيها من غضب وانتقام، وأخالف بعض ذلك وأوافق على بعض. الأغاني التي يستمع إليها الأطفال عن الثورة هي مكون أساسي من ثقافتهم الحالية، وهي بشكل ما مصدر فخر لهم وصلة ربط لهم بواقعهم، ومن خلالها يحصلون على المبرر الأخلاقي لصبرهم على ما تعرضوا له ويعيشونه من صراع بين حق وباطل، وبإغفال هذا الجزء يبدو ما يتعرضون له صراعًا عبثيًا لا ناقة لهم فيه ولا جمل وليسوا فيه سوى ضحايا لا حول لهم ولا قوة.
تحفظي على الأغاني التي يستمع لها الأطفال ويرددونها حاليًا ليس ما فيها من غضب أو حزن أو حماس، وإنما افتقارها إلى مكون أخلاقي بنّاء يوحي برسالة وهدف، وتركيزها على ممارسات وأخلاق الخصم بدل القيم الأخلاقية التي نتمتع أو ينبغي أن نتمتع بها. كما أننا غالبًا ما نعرّف أنفسنا في هذا الأغاني من خلال تعريفنا للعدو بدل أن يكون لدينا نظرتنا المستقلة لأنفسنا ابتداءً، أو أننا نكتفي بدور الضحية المغلوبة على أمرها التي تنتظر إحسان القاتل. قد يكون هذا مفهومًا إذا أخذنا بعين الاعتبار منشأ هذه الأغاني وكيف تم تأليفها ومن قام بذلك، ومقارنتها بما أنشد في السبعينات والثمانينات (مثلًا قصة شهيد من شعر جمال فوزي وإنشاد أبي مازن) – ويعكس ذلك أحد الفروق بين انتفاضة آنذاك وثورة اليوم والشرائح التي شاركت في كل منهما.
في الختام، ذكرت عند الحديث عن العقلية التبشيرية أن الكثير من المشكلات تعود إلى افتراضنا أننا نمتلك الحلول التي يكفي أن نتفضل عليها على هؤلاء ”الضحايا“ كي نخرجهم من بؤسهم، غافلين عن أهمية فهم حالتهم في سياقها الحقيقي والنظر الإيجابي لحالتهم ”كناجين“ أولي عزم لا كضحايا عديمي الحيلة. لا يعني الاستماع إلى هذه المجتمعات ومحاولة فهمها الانتقال إلى النقيض الآخر والتخلي عما نعتقد صحته من أفكار لصالح تنفيذ ما تريده الفئات المستهدفة بالمساعدة. فعندما أسمع مثلًا من الأطفال والبالغين في المخيمات أنهم يريدون مدرسة، لا يمنعني ذلك من تحدي افتراضاتهم والعمل على بيئة تعلم مختلفة تمامًا، فهدفي هو أن أقدم ما يحتاجه الناس وليس ما يريدونه. وفي أي مجتمع اعتمل الفساد في أسسه لا بد من زعزعة شيء منها واستبدالها، ولكن لا مفر قبل ذلك من تمييز الصالح من الفاسد لمعرفة ما نبقي عليه وما نهدمه، ومن أن نحاول فهم الكيفية التي ستتفاعل بها حلولنا المقترحة مع المجتمع المستهدف. عادةً ما يكون استكمال هذا الفهم عصيًا في بداية التدخل، فالمهم أن نواصل المراقبة والاستماع والتفكر في الإشارات التي تعود إلينا ممن نعمل معهم لنحْسِن تقويم ما نقوم به لصالحهم. وعلى الله الاتكال في الأمر كله، ونسأله الإخلاص والصواب، والحمد لله رب العالمين.
[١] سمعت من رئيس المشروع، نيكولاس نغروبُنتي، أن كلفته كانت مليار دولار أمريكي، فقط لا غير! العودة إلى التدوينة
[٢] يشير إيثن زكرمن بين الهزل والجد إلى هذه الظاهرة كذلك بعبارة “Good-meaning white dude”، أي الرجل الأبيض حسن النية في إشارة إلى تقليعة (موضة) تتعلق بشغف الكثير من النشطاء في الولايات المتحدة بالتطوع في دول العالم النامي (وإفريقية خصوصًا) دون إدراك الآثار التي قد تترتب على تدخلهم. من نافلة القول التذكير أن هذه الظاهرة ليست خاصةً بعرق أو مجموعة معينة. العودة إلى التدوينة
[٣] مقابل السياق الغربي حيث تؤدى الواجبات لأن الآخرين يطالبون بحقوقهم، أي أن الفرق هو بين الفرد الذي يبدأ بإنجاز واجباته والآخر الذي يبدأ بالمطالبة بحقوقه. العودة إلى التدوينة
[٤] استعرت التعبير من عنوان كتاب لألفي كون هو معاقبون بالجوائز: مشكلة النجوم الذهبية وخطط الحوافز والدرجات والثناء والرشى الأخرى Punished by Rewards: The Trouble with Gold Stars, Incentive Plans, A’S, Praise and Other Bribes. العودة إلى التدوينة